كبير محللي محموعة الأزمات الدولية يكشف عن نتائج زيارته للعاصمة صنعاء والنتائج العكسية لعزلها عن العالم
يمنات
كشف كبير محللي مجموعة “الأزمات الدولية” في شبه الجزيرة العربية، ابريل لونغلي ألي، أن المنظمة أثناء بحثها الميداني و إجرائها العديد من المحادثات مع شخصيات في العاصمة صنعاء، وجدت مرونة و حرص على إنهاء الصراع.
و قال انه وجد الفخر و المرونة و الحرص على إنهاء الصراع، و خلص إلى أن عزل جانب واحد أو جعل المجاعة والمعاناة أسوأ لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب.
و هذا ما كشف عنه ابريل لونغلي..
أحد أكثر أجزاء العمل المحبطة في اليمن هو مدى صعوبة زيارة البلد. لقد أمضيت خمسة أشهر لإكمال الموافقات والبروتوكولات الأمنية لرحلتي. في النهاية، استقلت طائرة تابعة للأمم المتحدة من عمان إلى صنعاء. إنها رحلتي الأولى منذ أن غادرت صنعاء قبل أربعة أيام من بدء التحالف بقيادة السعودية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، حملة تفجيرات في مارس 2015. تهدف هذه العملية إلى استعادة حكومة عبد ربه منصور هادي التي أطاح بها حوثيون يتحالفون مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
أضرار الحرب واضحة بمجرد أن هبطنا على الأرض. ومطارات صنعاء المدنية والعسكرية جنبا إلى جنب دمرت بالكامل تقريبا. مررنا ببقايا حطام طائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية، وحطام الطائرات المدنية من حاملة فيليكس العربية اليمنية السابقة.
ومنذ انهيار محادثات السلام في آب / أغسطس 2016، ليس هناك رحلات عبر مطار صنعاء سوى الرحلات الإنسانية التي تنظمها الأمم المتحدة تنقلها إلى صنعاء كل أسبوع.
من جهة أخرى، كان لدى استقبالي بترحيب أحد أعضاء أنصار الله (الحوثيين) وممثل عن وزارة الخارجية في صنعاء، وكلاهما أكدا لي ضمان عدم وجود مشاكل في دخول الزائرين من أمريكا والمنظمات الدولية غير الحكومية.
صنعاء لا تزال نابضة بالحياة
ولدى سيري بالسيارة إلى المدينة، على الرغم من أنني كنت مفاجأة. لكني لم أر في البداية المعاناة الإنسانية التي أعرفها هناك. ظاهريا، تبدو المدينة مزدحمة، صاخبة ومفعمة بالحياة. هناك ازدحام حركة المرور في ميدان التحرير. ولا تزال المنازل المشهورة ذات الطوب الطيني في صنعاء، والتي كانت مزينة بشكل معقد، في الغالب قائمة، والمدينة القديمة سليمة إلى حد كبير، وإن كان ذلك مع المزيد من القمامة في الشوارع وصور الشهداء والشعارات الحوثية المعلقة في كل مكان.
الناس يقضون حياتهم اليومية كالمعتاد: الشوارع تبدو نابضة بالحياة، والمحلات التجارية مفتوحة، وهناك الطعام على الرفوف. يخبرني سائقي أن المدينة أكثر ازدحاما من المعتاد لأنها تحتضن المشردين داخليا من مناطق القتال المحيطة. وبالمقارنة مع المناطق الأخرى في الشمال، فإنني أذكر باستمرار أن صنعاء عانت من أقل الهجمات التي تقودها قوات التحالف بقيادة السعودية وتزايد خطر المجاعة. مقارنة بمناطق مثل الحديدة، صعدة وحجة، كما قيل، هي أسوأ بكثير.
هناك شيء آخر أيضا وجدته. شعوري بالأمان، حتى السفر في سيارة أجرة عادية. صحيح أنني كنت أرتدي رداء أسود ونقاب المرأة السوداء التقليدية التي تغطي الوجه، وهذا يعني أنه لا أحد يستطيع أن يرى أي شيء مني ولكن عيني فقط. ولكن هناك عدد قليل جدا من نقاط التفتيش في المدينة والوجود الأمني قليل ايضا في الشوارع. عدت لرؤية منزل صديق لي حيث كنت أعيش، وكل شيء لا يزال في مكانه، وإن كان مغطى بالغبار.
انقطاع التيار الكهربائي ألهم حقيقة الابتكارات الجديدة. هناك الألواح الشمسية الكثيرة على ما أتذكر. لا تستطيع الحكومة توفير الكثير من الكهرباء، أو الكثير من أي شيء آخر، وهذا ما يجبر الناس على القيام بما هو أفضل وأكثر ابداعا.
رأيت المباني التي قصفت، في كثير من الأحيان سويت بالارض في وسط بيئة حضرية مزدحمة. وهي في الغالب مبان حكومية أو منازل خاصة تعود للرئيس السابق علي عبدالله صالح أو عائلته أو مسؤولين في حزبه، المؤتمر الشعبي العام. والفجوة الأكثر إثارة للصدمة في المشهد الحضري هي الإطار المعدني المتشابك لما كان أكبر قاعة تجمع في صنعاء، ويقول السعوديون إنهم قصفوها عن طريق الخطأ في 8 تشرين الأول / أكتوبر 2016، مما أسفر عن مقتل 140 شخصا وإصابة أكثر من 600 من المشيعين.
زرت الموقع عدة أيام أثناء رحلتي حتى اشاهد الضرر مباشرة. صور أولئك الذين فقدوا أرواحهم في جحيم ذلك اليوم معلقة على خط البوابة. رأيت صورة صديق وزعيم محلي محترم، عبد القادر هلال، الذي كنت زرته في رحلتي الماضية لمعرفة آفاق التسوية. لكنه، والكثير من الآخرين الذين اعتمدت عليهم في رؤى التسوية، إما موتى، او يعيشون في الخارج أو في أجزاء أخرى من هذا البلد المقسم.
لا عزاء للتحالف بالنسبة لليمنيين الذين التقيت بهم. وغالبا ما تكون الضربات على منازل مسؤولي المؤتمر الشعبي العام بشكل خاص في أحياء مكتظة بالسكان، مما يجعل الأضرار الجانبية أمرا لا مفر منه. في كل مكان، أسمع عن إصابات: عائلة من ستة أفراد تم القضاء عليها، فتاة صغيرة قتلت، واحترقت الأم حتى الموت. يتحدث الناس عن العديد من “الضربات المزدوجة”، عندما يسرع رجال الإنقاذ للمساعدة بعد الضربة الأولى، تعاود طائرات التحالف بموجة ثانية من القنابل، مما يسفر عن مقتل رجال الإنقاذ وأي شخص آخر يقع بالقرب منه. ولم أسمع مرة واحدة عن مقتل مسؤول رفيع المستوى في المؤتمر الشعبي العام أو في حركة الحوثي في هذه التفجيرات.
خلال الأيام الستة، عندما كنت في المدينة لم تكن هناك غارات جوية. من وقت لآخر، أسمع هديرا بعيدا من طائرات الاستطلاع. وبعد بضعة أيام من مغادرتي، قصفوا مرة أخرى، وهم يضربون، كما يفعلون في الغالب، نفس المنشآت العسكرية في الجبال المحيطة بالمدينة.
الجوع المخفي
لا أرى طوابير من الناس يصطفون للطعام. لا تزال المخابز والمطاعم مفتوحة، وهناك الفواكه والخضروات في المحلات. لكن اليأس يقع تحت سطح صنعاء الصاخب. الفقر كان دائما حاضرا في المدينة، ولكن هناك العديد من الناس أكثر مما أتذكر يبحثون في أكوام القمامة عن شيء لتناول الطعام أو بيعه.
المشكلة ليست توافر الغذاء – على الأقل في صنعاء حتى الآن – ولكن الحصول على المال لشرائه. بعد عامين من الحرب، انهار الاقتصاد، وأزمة بين الفصائل المتحاربة في اليمن حول البنك المركزي ساهمت في الوضع الذي لم تدفع فيه رواتب موظفي الخدمة المدنية باستمرار منذ أغسطس 2016. كل شخص تحدثت إليه قريبا تناول موضوع الصعوبات السياسية: السياسيين والأصدقاء والحراس وسائقي سيارات الأجرة والعاملين في الفنادق.
المعاناة الصامتة تنمو تحت واجهة الحياة الطبيعية. يتحدث الناس عن إنفاق مدخراتهم. يقول أصحاب العقارات أنهم لا يجمعون الإيجار لأن المستأجرين لا يستطيعون الدفع. الناس يعتمدون أكثر على شبكاتهم الشخصية، مع المال من الأقارب في الخارج التي يتم إرسالها عن طريق وكالات (مصارف) تحويل الأموال.
فالمرأة في وضع غير مؤات لأن العادات المحلية تجعل من الصعب عليها الخروج والحصول على المساعدة من تلقاء نفسها. يخبرني أحد الأصدقاء بجيران اختفى زوجها: لا تعرف مصيره وليس لديها اسرة ممتدة ولا دخل لإطعام أطفالها الستة. في منزل آخر، التقيت أسرة من 14 امرأة وطفل في غرفتين. أجسامهم رقيقة بشكل مخيف، يغطيها الجلد والعظام. ولكنهم فخورون، ولا يثيرون ضجة بشأن احتياجاتهم اليائسة.
نحن وهم
حتى الناس الذين ليسوا مؤيدين للتحالف بين الحوثيين والرئيس السابق صالح يشعرون بنوع من التضامن نتيجة للحرب والعزلة التي فرضت عليهم والضرر الأوسع الذي سببه القصف والحصار. إذا شعر الناس أن الأهداف كانت تستهدف المقاتلين من الحوثيين، قد يشعرون بشكل مختلف؛ وبدلا من ذلك، فإن وفاة المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، وتزايد الصعوبات الاقتصادية تجعل الناس يشعرون بأن الجميع هو الهدف بدون تمييز. والواقع أن أحد أقوى انطباعات إقامتي هو الغضب الشديد من الطريقة التي تدمر بها الحرب حياة الناس العاديين.
هذا لا يعني أنه لا يوجد إحباط أو غضب موجه إلى الحوثيين، حيث الكثير من اليمنيين يلقون باللوم عليهم في اندلاع العنف، والآن لعدم تمكنهم من إدارة حكومة فعالة. لكن الغضب، حتى الكراهية، موجه نحو المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من أن قوات الحوثيين / صالح لا تملك سوى أسلحة خفيفة وتفتقر تماما إلى القوة الجوية، إلا أن ذلك لم يجبرهم على الاستسلام.. ومقاومتهم العنيفة يمكن تلخيصها على النحو التالي: “إذا كان الخيار هو: “الاستسلام أو الجوع”، فسنحارب بدلا من ذلك”. يخبرني أحد شيوخ القبائل بفخر أن “اليمنيين لن يكونوا أبدا عبيدا للمملكة العربية السعودية”. هناك أيضا كراهية واسعة ومتنامية تجاه الولايات المتحدة لدعمها للحرب، والتي يجد اليمنيون صعوبة في فهمها. كأميركي، كان السؤال الأكثر تواترا الذي سُئلته هو: “لماذا تهاجمنا الولايات المتحدة؟”.
إن احتمال الغزو الذي تقوده السعودية لأهم ميناء في الشمال، الحديدة، يثير المشاعر المعادية ضد السعودية والولايات المتحدة، فضلا عن الشعور بالتضامن في صنعاء. ويعتبر الهجوم على الميناء دوليا، محاولة للضغط على الشمال اقتصاديا لإجبار التحالف الحوثي / صالح على الاستسلام أو الموافقة على تسوية بشروط أقل مواتاة. وهذا ما يجعل سياسيي الحوثيين / صالح مصممين للتضحية بأكبر قدر ممكن من الدم في الدفاع عن الحديدة وتوسيع الحرب إلى الأراضي السعودية انتقاما.
ففي صنعاء، تشهد تضامنا قويا، رغم الاختلافات، ضد ما يعتبر “عدوانا أجنبيا”. غير أن السرد الحربي يختلف اختلافا جذريا في أجزاء أخرى من البلد. من اتصالاتي في جنوب اليمن السابق، الدولة المنفصلة قبل عام 1990 حيث لا تزال الرغبة في الاستقلال قوية، أسمع أن جبهة الحوثي / صالح هم الغزاة الخارجيون وأن التحالف بقيادة السعودية هو الحق في التدخل عسكريا.
في محافظة مأرب الشمالية، وهي منطقة قبلية سنية تاريخية ذات موارد نفطية كبيرة، يرتبط العديد منهم، قبائل وسياسيين، وحزب الاصلاح (الاخوان المسلمين) بالمملكة العربية السعودية ضد العدو الأيديولوجي الرئيسي الحوثيين، ويعملون بشكل مستقل عن كل من صنعاء وحكومة هادي المعترف بها دوليا. هادي نفسه قائم اسميا في عدن، ولكن لديه دعم أقل بكثير هناك من القادة الانفصاليين المحليين. وفي الوقت الحالي تتداخل مناطق الحوثي / صالح في الغالب مع المرتفعات الشمالية / الزيدية، مع استثناءات ملحوظة مثل الحديدة، وهو واقع انقسم البلد بشكل فعال على أسس طائفية.
في كل من صنعاء وعدن، لدى اليمنيين فكرة أن المكان الآخر فوضوي ومرعب، مما يزيد من تعميق الانقسام المفاهيمي للبلاد. لم أذهب إلى عدن مؤخرًا، لذلك، لا أستطيع أن أخبر أصدقائي في صنعاء عن ارتفاع معدل الحوادث المميتة في المركز المتنافس. في صنعاء، كثير من الناس مقتنعون بأن الوضع سيء جدا في عدن، مهما كانت مشاكلهم، فهم سعداء بما يشعرون به وأمنهم الخاص. “نحن لسنا مثل المناطق المحررة”(المناطق الاسمية التي تحت سيطرة حكومة هادي)”، كما يقولون.
إن مؤيدي الحوثي / صالح في صنعاء يشجعونني على الاجتماع مع مجموعة واسعة من الناس في العاصمة اليمنية من جميع أنحاء البلاد ومن مجموعة متنوعة من الأحزاب السياسية المختلفة، باستثناء الإصلاح، الذي تكون قيادته إما في السجن أو تحت رقابة دقيقة. ومع ذلك، أشعر بأن هذا التنوع والتسامح يتعرضان لتهديد حاد.
السلطة في صنعاء
في صنعاء، يبدو أن الحوثيين يمتلكون اليد العليا في القضايا العسكرية / الأمنية. ومع ذلك، فإن قدراتهم في ساحة المعركة لا تقابلها الكفاءة في الحكم، والديناميكية التي يتمتع بها وتزيد من شعبية صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام.
ويعترف الحوثيون أنفسهم بأنهم يفتقرون إلى إدارة الحكم. في الواقع، يديرون شرطة، ولا يبررون ذلك، كما يقول لي أحد القادة: “نحن نخوض حربا”. ولا يوجد نظام قضائي فعال، ولا يلجأ إلى العدالة على نحو فعال، مما يؤدي إلى انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان.
وخلال زيارتي القصيرة، لم أر أي إشارة علنية في صنعاء للدعم الإيراني الذي يعتقد البعض أنه أمر حاسم لمرونة الحوثيين. ويتلقى الحوثيون الدعم الدبلوماسي والإعلامي، فضلا عن بعض المساعدات العسكرية من الإيرانيين، ولكن أهمية ونطاق هذا الأخير موضع خلاف. وكدليل على الدعم السياسي، فإن السفارة الإيرانية هي إحدى البعثات الدبلوماسية القليلة التي ظلت مفتوحة ويديرها سفير بالنيابة مع عدد قليل من الموظفين.
في صنعاء تزداد السخرية على اتهامات دول الخليج بان ايران لها نفوذ قوي على الحرب، كما تسمع كثيرا بين أوساط اليمنيين العبارة الساخرة ردا على اتهامات الخليجيين: “ارونا احد الحرس الثوري الإيراني في اليمن فقط!”. ويؤكد قادة الحوثيين أنهم يتخذون القرارات بشكل مستقل عن النصائح الإيرانية.
يقول كل من مؤيدي الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام إن إيران لا تتابع الدعم المالي الموعود للحوثيين، وهو ما يحبط الحركة. أحد أعضاء المؤتمر الشعبي العام يقول إن إيران “يجب أن تدعم الحوثيين [ماليا] أو تصمت … إيران تتحدث كثيرا، لكنها لا تعطي شيئا يذكر”. كل هذا لا يعني أن العديد من اليمنيين في صنعاء، وخاصة أولئك الذين ينتقدون الحوثيين، لا يخشون المزيد من التدخل الإيراني، فضلا عن أن يصبحوا ضحايا التنافس السعودي الإيراني. القصة التي نسمعها في صنعاء تختلف كثيرا عن تلك التي نسمع معظمها في الخليج أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.
ومنذ انهيار محادثات السلام في آب / أغسطس 2016، يتعاون المؤتمر الشعبي العام والحوثيون بشكل غير مريح في حكومة إنقاذ وطنية. وعلى الرغم من العزلة السياسية شبه الكاملة ونقص الموارد، فإن هذه الحكومة تحاول الحفاظ على المظاهر. وزير الخارجية لا يزال يذهب للعمل في وزارته.
هناك شعور عميق من العزلة. وزير الخارجية، منقطع جدا عن العالم، فقط الوجود الدبلوماسي لإيران وروسيا وعدد قليل من الآخرين. كما أن الأجانب الآخرين في المدينة يعملون تقريبا مع الأمم المتحدة.
كما التقيت برئيس البرلمان، وهو عضو بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي اغتنم الفرصة لزيارة نادرة من قبل أجنبي لملء القاعة بالبرلمانيين وأعضاء الصحافة. كما هو حال الكثيرين في صنعاء، فإن رئيس البرلمان اليمني، يتوق إلى إيصال رسالته عن التكلفة الإنسانية التي سببتها الحرب، والطريقة التي يعمقها الغرب في تفاقم الانقسامات في اليمن من خلال التعامل مع أطراف محددة وعزل الأخرى.
من الصعب المبالغة في تقدير تأثير هذه العزلة عن التحالف الحوثي / صالح. وما من شك في أن هذا التحالف له تأييد شعبي كبير في المدينة وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرته. إضافة إلى الحد الأدنى من الأمم المتحدة أو الاتصال الدبلوماسي، هناك عدد قليل من جسور التواصل بين الحكام الفعالين في شمال اليمن والعالم الخارجي.
ومن الواضح أن هذه العزلة تقوض المفاوضات والتوصل الى تسوية. إغلاق مطار صنعاء على وجه الخصوص يضاعف من عقلية الحصار. يجب على كل من يرغب في المغادرة أن ينظم رحلات محفوفة بالمخاطر تستغرق يوما واحدا عبر الخطوط الأمامية إلى عدن، التي تقع تحت سيطرة حكومة هادي. وتستغرق الرحلة ما يقرب من ضعفي فترة ما قبل الحرب، ويتعرض المسافر إلى نقاط التفتيش العسكرية والمضايقات، ولا يمكن لأي شخص لديه ملف سياسي أن يشعر بالأمان. ولم يعد الشماليون موضع ترحيب في الجنوب، كما تعرض العديد من الأشخاص الذين أتكلم معهم في صنعاء للمضايقة و / أو الاحتجاز في الأراضي الجنوبية.
ولكل المقاصد والأغراض، فإن سكان صنعاء تقطعت بهم السبل ولا يستطيعون الرحيل ما لم يشعروا بأنهم مجبرون على تحمل خطر حقيقي سواء كان ذلك بسبب العناية الطبية أو لأسباب عائلية أو للدراسة. فكل من التقيت بهم يريدون إعادة فتح المطار، ولا يريدون بالضرورة الهرب. في الواقع، العديد من الذين تقطعت بهم السبل في الخارج يرغبون في العودة إلى وطنهم الأم.
البحث عن السلام
أحاول إطالة أمد إقامتي في اليمن ولكن البيروقراطية المعقدة تجعل هذا مستحيلا.
إن اجتماعاتي مع اليمنيين وانطباعاتي تجعلني واعيا بأن النسيج الاجتماعي في اليمن ممتد ولا يزال، ولكن لم يمزق تماما. وتعمل المجتمعات المحلية معا على المستوى المحلي لإطعام المحتاجين. إن الفكرة والرغبة في تنوع الرأي موجودة في صنعاء، حتى وإن كانت هناك تعددية ضئيلة في الوقت الحاضر. كما أن المرأة تلعب دورا متزايد الأهمية، ولاسيما على الانقسام الخطير بين الحوثيين والإصلاح. فعلى سبيل المثال، تقوم نساء الإصلاح بعمل شاق لمتابعة حالات الاختفاء أو سجن أعضاء الإصلاح. ولأن الناس يثقون بالنساء أكثر ويخافونهن أقل، فإن مشاركتهن يمكن أن تخفف حدة التوترات. فالعديد من اليمنيين يسبحون ضد المد القوي للطائفية والتجزئة الاجتماعية التي تجتاح البلاد والمنطقة.
وفي حين أن التحديات التي يواجهها المفاوضون كثيرة، فإن محادثاتي في صنعاء تقودني إلى الاعتقاد بأن بعض التدابير العملية على الأقل ممكنة. ويناقش كل من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام سبل التوصل إلى حل وسط لمنع تمديد الحرب إلى الحديدة، وإيجاد حل لدفع الرواتب على المستوى الوطني والمضي قدما في المحادثات السياسية. هناك بعض الغرف السياسية تريد العمل وحل الحرب، وبعبارة أخرى، ولكن إيجاد هذا الفضاء يتطلب مشاركة متسقة وأوسع مع، وليس عزل، أصحاب المصلحة على أرض الواقع، بما في ذلك في صنعاء.
و مجموعة الأزمات الدولية: هي منظمة دولية غير ربحية وغير حكومية تتمثل مهمتها في منع حدوث وتسوية النزاعات الدموية حول العالم من خلال تحليلات ميدانية ومن خلال إسداء المشورة. تأسست عام 1995 ومقرها بروكسل، وتعد من المصادر العالمية الأول للتحليلات والمشورة التي تقدمها للحكومات، والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.
المصدر: وكالة خبر
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا